" نسم علينا الهوى ... من مفرق الوادى "
داعب صوت فيروز أذنى ليخبرنى - ككل صباح - بوصول عم أمين صاحب متجر الورود المجاور لمنزلى .. و لأول مرة أشعر و كأن الربيع تأخر ألف عام ..
ملأنى الحنين لشىء ما ...
* * *
مع بدء رحلتى اٍلى الكلية ، استقبلنى الشارع بصخب مألوف .. تاهت فيه ملامح البشر ، و كأنما أذابها طول العناء ليحل مكانها تعبير عام يوحى بالملل و الاٍوشاك على الجنون ....
تساقطت كتبى حين اصطدم بى أحد المتأخرين على عملهم ، و عندما لم يعرنى اهتماما و لو بكلمة اعتذار فاجأنى هذا السؤال : هل انتهى زمن الأخلاق اٍلى الأبد ؟
و قبل أن تخذلنى الاٍجابة .. أسرعت لألحق بمحاضرة العاشرة .
* * *
تشتت انتباهى لفترة بسبب زميل يجلس خلفى أصر على سماع الأغانى أثناء المحاضرة و لكنه استسلم أخيرا لرغبتى فى سماع الشرح - فقط - عندما لاحظ الدكتور انشغاله !
* * *
انتهى اليوم الدراسى ، و انتهت معه قدرتى على تحمل أى سخافات من أى شخص .. و من جديد احتوانى الشارع ، و عند المنعطف البعيد كانت تسير ..... وحدها كالعادة - فلا أحد يستحق شرف السير معها اٍلا نادرا - أنيقة كالعادة ، و حزينة على غير العادة ...
و على الفور تذكرتها .. و برغم بعض الخلافات التى تجمعها بعائلتى اٍلا أننى تناسيت مشكلات الكبار و اندفعت أناديها لأسلم عليها ... تعصرنى رغبة فى معرفة سبب حزنها فهى على الرغم من غرورها لن ترفض مواساتى لها بالتأكيد ..
و لكن ... ( ألابد من لكن هذه دائما ؟ ) لم يخطر ببالى أن يدها - كتحيتها - ستكون باردة هكذا ..
انتزعت نفسى من الابتسامة و سألتها عن أحوالها ، فأجابتنى بلا اهتمام أنها "جيدة" !! .. ثم استكملت سيرها ...
ألهذا الحد لم تلاحظ أنى مازلت أحبها ؟!
* * *
عند مدخل متجر الورود وقفت .. انتظرت أن يفرغ من رى اٍحدى زرعاته ، و سمحت لدمعتين أن تتركا الاٍحتباس العنيد ..
و كأنه يعلم ما مر بيومى ، ضمنى فى نظرة لست أدرى لها وصفا سوى أنها جعلتنى أحبه أكثر مما أحببته فى كل عمرى .. قفزت اٍلى عيونى صورته و هو يداعبنى و يحملنى صغيرة ... كيس الحلوى الذى لم يكن ينساه يوما ... حديثه الساحر عندما كان يأتى لزيارة جدى ... و دعائه لى أيام اختباراتى ..
و بكل حنان الدنيا أتانى صوته : أهلا حبيبتى .. جهزت لك اٍصيص الريحان الصغير هذا .. خذيه ، فعبيره لن يخذلك أبدا !!
سألته : عم أمين .. كيف تستطيع أن تبتسم هكذا دائما ؟!
صمت قليلا كمن يبحث عن اٍجابة مناسبة لتساؤل طفلة مشاغبة ، ثم قال : لأنك لابد أن تجدى من يمنحك ابتسامته يوما و اٍلا قتلتك تجهمات الآخرين !
و تذكرت كل الأيام التى لم أتوقف فيها عن الاٍعجاب بروعة هذا الرجل ، و تذكرت أيضا الحادث الذى فقد فيه كل عائلته !
* * *
و فى شرفتى .. تلمست أقرب الأركان من نافذتى لأضع فيه الاٍصيص ..
سافرت فى عبير الريحان لحظة .. ثم أدهشنى طيف ابتسامة رسمته ملامحى فى المرآة !!
داعب صوت فيروز أذنى ليخبرنى - ككل صباح - بوصول عم أمين صاحب متجر الورود المجاور لمنزلى .. و لأول مرة أشعر و كأن الربيع تأخر ألف عام ..
ملأنى الحنين لشىء ما ...
* * *
مع بدء رحلتى اٍلى الكلية ، استقبلنى الشارع بصخب مألوف .. تاهت فيه ملامح البشر ، و كأنما أذابها طول العناء ليحل مكانها تعبير عام يوحى بالملل و الاٍوشاك على الجنون ....
تساقطت كتبى حين اصطدم بى أحد المتأخرين على عملهم ، و عندما لم يعرنى اهتماما و لو بكلمة اعتذار فاجأنى هذا السؤال : هل انتهى زمن الأخلاق اٍلى الأبد ؟
و قبل أن تخذلنى الاٍجابة .. أسرعت لألحق بمحاضرة العاشرة .
* * *
تشتت انتباهى لفترة بسبب زميل يجلس خلفى أصر على سماع الأغانى أثناء المحاضرة و لكنه استسلم أخيرا لرغبتى فى سماع الشرح - فقط - عندما لاحظ الدكتور انشغاله !
* * *
انتهى اليوم الدراسى ، و انتهت معه قدرتى على تحمل أى سخافات من أى شخص .. و من جديد احتوانى الشارع ، و عند المنعطف البعيد كانت تسير ..... وحدها كالعادة - فلا أحد يستحق شرف السير معها اٍلا نادرا - أنيقة كالعادة ، و حزينة على غير العادة ...
و على الفور تذكرتها .. و برغم بعض الخلافات التى تجمعها بعائلتى اٍلا أننى تناسيت مشكلات الكبار و اندفعت أناديها لأسلم عليها ... تعصرنى رغبة فى معرفة سبب حزنها فهى على الرغم من غرورها لن ترفض مواساتى لها بالتأكيد ..
و لكن ... ( ألابد من لكن هذه دائما ؟ ) لم يخطر ببالى أن يدها - كتحيتها - ستكون باردة هكذا ..
انتزعت نفسى من الابتسامة و سألتها عن أحوالها ، فأجابتنى بلا اهتمام أنها "جيدة" !! .. ثم استكملت سيرها ...
ألهذا الحد لم تلاحظ أنى مازلت أحبها ؟!
* * *
عند مدخل متجر الورود وقفت .. انتظرت أن يفرغ من رى اٍحدى زرعاته ، و سمحت لدمعتين أن تتركا الاٍحتباس العنيد ..
و كأنه يعلم ما مر بيومى ، ضمنى فى نظرة لست أدرى لها وصفا سوى أنها جعلتنى أحبه أكثر مما أحببته فى كل عمرى .. قفزت اٍلى عيونى صورته و هو يداعبنى و يحملنى صغيرة ... كيس الحلوى الذى لم يكن ينساه يوما ... حديثه الساحر عندما كان يأتى لزيارة جدى ... و دعائه لى أيام اختباراتى ..
و بكل حنان الدنيا أتانى صوته : أهلا حبيبتى .. جهزت لك اٍصيص الريحان الصغير هذا .. خذيه ، فعبيره لن يخذلك أبدا !!
سألته : عم أمين .. كيف تستطيع أن تبتسم هكذا دائما ؟!
صمت قليلا كمن يبحث عن اٍجابة مناسبة لتساؤل طفلة مشاغبة ، ثم قال : لأنك لابد أن تجدى من يمنحك ابتسامته يوما و اٍلا قتلتك تجهمات الآخرين !
و تذكرت كل الأيام التى لم أتوقف فيها عن الاٍعجاب بروعة هذا الرجل ، و تذكرت أيضا الحادث الذى فقد فيه كل عائلته !
* * *
و فى شرفتى .. تلمست أقرب الأركان من نافذتى لأضع فيه الاٍصيص ..
سافرت فى عبير الريحان لحظة .. ثم أدهشنى طيف ابتسامة رسمته ملامحى فى المرآة !!